صراع على الرمال

صراع على الرمال... البداوة في ظروف إنتاجية ضخمة





لطالما مثلت الدراما البدوية جانبا مهما من الدراما العربية بشكل عام، خصوصا في دول كالأردن وسوريا، حيث تناولت معظمها قصص الحب والعشق والثأر والمرعى والأغنام وغيرها.

إلا أن هذا الجانب يبقى جانبا ضيقا خصوصا أن موضوعات هذه الأعمال بقيت على حالها ابتداء من مسلسل وضحى وابن عجلان، الذي أنتج قبل أكثر من ثلاثين عاما، وانتهاء بنفس المسلسل الذي عرض على الشاشات بإنتاج جديد العام الماضي.

الموضوعات نفسها، والقصص نفسها، حتى خيمة الشعر، ودلة القهوة، وقطيع الأغنام مع الراعي بقيت على حالها ولم تتغير رغم انقلاب العالم حول البدو رأسا على عقب منذ بدء الإنتاج التلفزيوني وحتى يومنا هذا.

ومسلسل "صراع على الرمال"، للمخرج السوري حاتم علي، وقصة الكاتب هاني السعدي، يعِد على حد قول مخرجه بإعادة الحياة من جديد إلى الأعمال البدوية، خصوصا وأن هذا العمل تم إنتاجه بميزانية ضخمة وصلت إلى نحو سبعة ملايين دولار.

ويقول علي في حوار خاص مع CNN بالعربية "أعتقد أن المسلسل البدوي هو جزء من التنوع الدرامي، فهناك المسلسلات الشعبية، وهناك التاريخية، وأعتقد أن هذا النوع من الدراما مهم جدا لأنه يعطي الدراما العربية صفة التنوع."

ويضيف " مشكلة الدراما البدوية أنه تم التعامل معها على أساس أنها من النخب الثاني، سواء من جهة الموضوعات المكررة، أو المعالجات البائسة، أو الصيغ الإنتاجية المتواضعة. ولعل الظرف الإنتاجي الجيد في عملنا ساهم في إعادة الاعتبار لهذا النوع من الأعمال، على الأقل من الناحية الإنتاجية وذلك لتقديم مشهد درامي مقنع، وشبه مكتمل."

والعمل الرمضاني صراع على الرمال يعتمد على ثلاثة عناصر رئيسية هي: الصورة، والصوت، والشعر، الذي دخل هذه المرة ليكون جزءا من دراما العمل وليس عنصرا تزيينيا فحسب، وفقا لحاتم علي.

يقول علي "كما نعلم فإن الشعر هو مرآة العرب، وهو جزء من الثقافة وشكل من أشكال التعبير، إضافة إلى أن إحدى الشخصيات هي شخصية شاعر، أي أن هذه الشخصية تعبر عن نفسها من خلال الشعر، وتتحول إلى فارس فيما بعد تتنازعه المشاعر المختلفة، وتشكل صراعا نفسيا بالنسبة له. الشعر تم استخدامه بشكله الخام، وتحول إلى مغنى، وهناك مقطوعات تداخل فيها الشعر مع المغنى و الموسيقى."

وعنوان العمل، "صراع على الرمال" يحمل في طياته الكثير من المعاني التي اشتهر بها العرب في قدمهم، فالصراع قد يكون بين جماعات، أو قد يكون بين أفراد، أو حتى قد يكون في الذات البشرية، فكما يقول حاتم علي "تم اختيار اسم العمل من قبل الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، على أساس أن العمل من خياله وأشعاره، وقد أطلقنا عليه في البداية اسم "أيام الثأر"، إلا أننا وجدنا لاحقا أن هذا العنوان يحصر المشاهد في قراءة ضيقة للعمل، لذا قمنا بتغييره إلى صراع على الرمال".

ويضيف علي "لا نعني بالصراع صراعا على المكان أو المرعى أو الموقع الجغرافي، وإنما هو صراع قد يدور بين جماعات، أو مشاعر داخلية للمرء، ما بين الحب، والكره، والغضب، والثأر، وهي جميعا صراعات تدور فوق الصحراء، أي أن الصحراء هي المكان الذي يستمد منه السكان أشكال الأحداث وتغيراتها. فالصحراء ليست مكانا فحسب، بل هي نمط حياة، وعادات وتقاليد، ومثل وقيم."

وردا على العديد مما تداولته الصحافة حول هدف حاتم علي الحقيقي من وراء إخراج هذا العمل، يقول علي "لم ولن أسعى أبدا إلى قلب أية معايير لأي دراما تلفزيونية أعمل بها، فأنا كغيري، جزء من حركة الدراما هذه، وأعتقد أن تطور الدراما يجب أن يكون جماعيا."

ويضيف "أعتقد كذلك أن التطور الدرامي ليس مرهونا فقط بالمخرج، بل أيضا بالجهة الإنتاجية المشرفة، وتطور المجتمع العربي، ورفع سقف الحريات."

العمل يروي قصة قبيلتين عاشتا على أطراف الجزيرة العربية في القرن الثامن عشر، وتدور بينهما صراعات الحب والثأر وغيرها.

ويشارك في "صراع على الرمال" عدد من أبرز نجوم العالم العربي، ومنهم تيم حسن، وصبا مبارك، وقمر خلف، وباسل خياط، وعبد المنعم عمايري، ومحمد مفتاح.
وليس أمام المتفرج العربي الآن إلا التسمر أمام شاشة التلفزيون لمتابعة حياة البدوي منذ أكثر من قرنين من الزمان، والاستمتاع بما يرويه من شعر يتغزل فيه بجمال حبيبته، وسماع صهيل الخيل ووقع حوافرها على الأرض، ليتمكن فعلا من إرواء عطشه تجاه أعمال بدوية عالية المستوى، "لطالما حلم بها".

المصدر:

CNN